~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 1,811,176


عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 1,811,176

العودة   منتديات وهج الذكرى > ღ القـسم الاسـلامي ღ > نفحــات ايمانيـة
نفحــات ايمانيـة يختص بالمواضيع الاسلامية العامة على منهج أهل السنة والجماعة
التعليمـــات روابط مفيدة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-18-2020
ملكة الحنان غير متواجد حالياً
اوسمتي
تكريم اكتوبر المراقبة المتميزة وسام العيد مع الجوري مسابقة نجم سهيل 
لوني المفضل Green
 رقم العضوية : 3574
 تاريخ التسجيل : Jun 2020
 فترة الأقامة : 1417 يوم
 أخر زيارة : 10-24-2023 (12:55 PM)
 المشاركات : 24,462 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : ملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 1
تم شكره 1,871 مرة في 1,517 مشاركة

اوسمتي

اسلامي الإصابةُ بالعين



الإصابةُ بالعين

ثبوتها، أدلتها، آثارها، علاجها، المبالغة في الخوف منها، وأسبابه وعلاجه

الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري


الحمدُ للهِ الْمُتفرِّدِ بالكَمَالِ والبَقَاءِ، والعزِّ والكبرياءِ، الموصوفُ بالصفاتِ والأسماءِ، الْمنزَّهُ عن الأشباهِ والنُّظَراءِ، الذي سَبَقَ علْمُه في بريَّتهِ بمحكَمِ القَضَاء، منَ السعادةِ والشقاءِ والعافيةِ والبلاءِ، واستوى على عَرْشهِ فوقَ السَّماءِ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على محمَّدٍ سَيِّدِ الرُّسُلِ والأنبياءِ، وعلى آلهِ وصحبهِ وأنصارِهِ وأشياعهِ وخُلَفَائِهِ، صلاةً وسلاماً نَسْتَوْجِبُ بهِمَا شفاعتهُ، آمِينَ.

أما بعد: فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى وتوكَّلُوا عليه، ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾.

عباد الله: إنَّ من حكمة الله تعالى أن يبتليَ عباده من المؤمنين والمؤمنات بأنواع من البلاء، كالأمراض، وإن من أكثر أسباب الأمراض انتشاراً: الإصابة بالعين، فما حقيقتها، وما أدلتها، وعلاجها، وطرق الوقاية منها، وأسباب وعلاج المبالغة في الخوف منها.

أيها المسلمون: قال ابنُ حجر: (العَيْنُ: نَظَرٌ باستحسانٍ مَشُوبٍ بحَسَدٍ مِنْ خَبيثِ الطَّبْعِ، يَحصُلُ للمَنْظُورِ منهُ ضَرَرٌ) انتهى، وقال ابنُ القيِّم: (فكُلُّ عائنٍ حاسدٌ، وليسَ كُلُّ حاسدٍ عائناً، فلَمَّا كانَ الحاسدُ أعَمَّ منَ العائنِ كانتِ الاستعاذةُ منهُ استعاذةً منَ العائنِ، وهيَ سِهامٌ تَخْرُجُ مِنْ نفْسِ الحاسِدِ والعائِنِ نحوَ الْمَحْسُودِ والْمَعِينِ تُصيبُهُ تارةً، وتُخْطِئُهُ تارةً، فإنْ صادفَتْهُ مَكْشُوفاً لا وِقايةَ عليهِ أثَّرَتْ فيهِ ولا بُدَّ، وإنْ صادفَتْهُ حَذِراً شاكيَ السِّلاحِ لا مَنْفَذَ فيهِ للسِّهامِ لَمْ تُؤثِّرْ فيهِ، ورُبَّمَا رُدَّتِ السِّهامُ على صاحبها.. وقد يَعِينُ الرَّجُلُ نفْسَهُ، وقد يَعِينُ بغيرِ إرادتِهِ بلْ بطَبْعِهِ، وهذا أَرْدَأُ ما يكونُ مِنَ النَّوْعِ الإنسانيِّ) انتهى.

وتُسمَّى العينُ في بلادنا النجدية بالنَّفس، والعائن: نافس، والمعيون: منفوس، وفي الحديث: (مِنْ شرِّ كُلِّ نفْسٍ أو عَيْنِ حاسدٍ اللهُ يَشفيكَ) رواه مسلم، و(قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتي بعدَ كتابِ اللهِ وقَضائِهِ وقَدَرِهِ بالأنْفُسِ»، قالَ البزَّارُ: يعني: بالعَيْنِ) رواه البزار وحسَّنه ابن حجر.

وتُطلق النَّظْرةُ أيضاً على العين، وهي الغشية أو الطائف من الجن، فعن (أُمِّ سَلَمَةَ رضيَ اللهُ عنها: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رَأَى في بيتها جاريةً في وَجْهِها سَفْعَةٌ -أي صُفْرَةٌ- فقالَ: اسْتَرْقُوا لَها فإنَّ بها النَّظْرَةَ) رواه البخاري ومسلم، أي: أصابتها عَيْنٌ.

أيها المسلمون: إن الإصابة بالعين أمرٌ ثابتٌ دلَّ عليه الكتاب والسُّنة، قال ابنُ القيم: (وَعُقَلاءُ الأُمَمِ عَلَى اخْتِلافِ مِلَلِهِمْ وَنِحَلِهِمْ لا تَدْفَعُ أَمْرَ الْعَيْنِ ولا تُنْكِرُهُ) انتهى.

قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾ [القلم: 51]، قال ابنُ كثير: (قالَ ابنُ عباسٍ ومُجاهدٌ وغيرُهُما: ﴿ لَيُزْلِقُونَكَ ﴾ لَيُنْفِذُونَكَ بأبصارِهِمْ، أيْ: لَيُعِينُونَكَ بأبصارِهِمْ، بمعنى: يَحْسُدُونَكَ لبُغْضِهِمْ إيَّاكَ لولا وِقايةُ اللهِ لكَ وحِمايَتُهُ إيَّاكَ منهم، وفي هذهِ الآيةِ دليلٌ على أنَّ العَيْنَ إصابَتُها وتأثيرُها حَقٌّ بأمرِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، كمَا وَرَدَت بذلكَ الأحاديثُ الْمَرْوِيَّةُ من طُرُقٍ مُتعدِّدَةٍ كثيرةٍ) انتهى.

وقال تعالى: ﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [يوسف: 67]، قال البغوي: (وذلكَ أنهُ خافَ عليهِمُ العَيْنَ، لأنهُم كانُوا أُعْطُوا جَمَالاً وقُوَّةً وامْتِدَادَ قامةٍ، وكانوا وَلَدَ رَجُلٍ واحِدٍ، فأَمَرَهُمْ أنْ يَتَفَرَّقُوا في دُخُولِهِم لئلاَّ يُصابُوا بالعَيْنِ، فإنَّ العَيْنَ حَقٌّ) انتهى.

وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (الْعَيْنُ حَقٌّ، ولو كانَ شَيْءٌ سابقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ) رواه مسلم.

قال ابنُ عبد البرِّ: (دليلٌ على أنَّ الْمَرْءَ لا يُصيبُهُ إلاَّ ما قُدِّرَ لهُ، وأنَّ العَيْنَ لا تَسْبقُ الْقَدَرَ، ولكنَّها مِنَ الْقَدَرِ) انتهى.

وقال النوويُّ: (فلا يقعُ ضَرَرُ العين ولا غيره من الخيرِ والشرِّ إلاَّ بقدر اللهِ تعالى، وفيهِ صِحَّةُ أمرِ العَيْنِ وأنها قويَّةُ الضَّرَرِ) انتهى، وقال ابنُ حجر: (لوْ فُرِضَ أنَّ شيئاً لهُ قُوَّةٌ بحيثُ يَسْبقُ القَدَرَ لكانَ العينُ، لكنها لا تَسْبقُ فكيفَ غيرُها) انتهى.

و(عن أبي سعيدٍ قالَ: كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الجَانِّ وعَيْنِ الإنسِ، فلَمَّا نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتانِ أخَذَ بهِمَا وتَرَكَ ما سِوَى ذلكَ) رواه النسائي وصحَّحه الألباني.

و(عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ والحُسَيْنَ ويقولُ: إنَّ أباكُمَا كانَ يُعَوِّذُ بها إسماعيلَ وإسحاقَ: أعُوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّةِ مِنْ كُلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ) رواه البخاري.

(قولُهُ: «ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ»، قالَ الخطَّابيُّ: الْمُرادُ بهِ كُلُّ داءٍ وآفةٍ تُلِمُّ بالإنسانِ مِنْ جُنُونٍ وخَبَلٍ)، (وقالَ ابنُ الأنبارِيِّ: يَعْني أنها تَأْتي في وَقْتٍ بعدَ وَقْتٍ) انتهى.

و(عن ابنِ عُمرَ رضيَ اللهُ عنهما أنهُ سَمِعَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَخْطُبُ على الْمِنْبَرِ يقولُ: اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، واقْتُلُوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأَبْتَرَ، فإنهما يَطْمِسَانِ البَصَرَ، ويَسْتَسْقِطانِ الْحَبَلَ) رواه البخاري، قال ابنُ القيِّم: (فإذا كان هذا في الحيَّاتِ، فما الظنُّ في النفوسِ الشِّريرةِ الغَضَبيَّةِ الحاسدةِ إذا تكيَّفَت بكيفيَّتها الغَضَبيَّةِ وانسمَّت وتوجَّهت إلى المحسودِ بكيفيَّتها؟! فللَّهِ كَمْ مِنْ قتيلٍ، وكَمْ مِنْ سَلِيبٍ، وكَمْ مِنْ مُعَافيً عادَ مُضْنىً على فراشهِ يقولُ طبيبُه: لا أعلَمُ داءَهُ ما هو= فصَدَقَ!! ليسَ هذا الداءُ من علمِ الطبائع، هذا من علمِ الأرواحِ وصفاتِها وكيفياتِها ومعرفةِ تأثيراتِها في الأجسام والطبائع وانفعال الأجسام عنها، وهذا عِلْمٌ لا يعرفه إلاَّ خواصُّ الناس) انتهى.

قال القاضي عياض: (وهكذا مذهب أهل السنة: أنَّ الْمَعْيُون إنما يَفْسُد ويَهْلَكَ عندَ نَظَرِ العائنِ بعادةٍ أجراها اللهُ سبحانه أنْ يَخْلُقَ الضَّرَر عندَ مُقابلةِ شخصٍ لشخصٍ آخر) انتهى.

عباد الله: من آثارِ العَيْنِ: المرض: (قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأَسْمَاءَ بنتِ عُمَيْسٍ: ما لي أَرَى أَجْسَامَ بَني أَخِي ضَارِعَةً -أي نحيفةً- تُصِيبُهُمُ الحَاجَةُ، قالتْ: لا، ولَكِنِ العَيْنُ تُسْرِعُ إليهِمْ، قالَ: ارْقِيهِمْ، قالتْ: فَعَرَضْتُ عليهِ، فقالَ: ارْقِيهِمْ) رواه مسلم.

ومن آثارها: القتل، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: («جُلُّ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتي بعدَ قَضاءِ اللهِ وكتابهِ وقَدَرِهِ بالأنفُسِ»، يَعْني بالعَيْنِ) رواه أبو داود الطيالسي وحسَّنه الألباني، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (العَيْنُ حَقٌّ، تَسْتَنْزِلُ الْحَالِقَ) أي الجبل، رواه الإمام أحمد وحسَّنه الألباني، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إنَّ العَيْنَ لَتُولَعُ الرَّجُلَ بإذنِ اللهِ -أي تَعْلُقُ به-، حتى يَصْعَدَ حالقاً ثُمَّ يَتَرَدَّى مِنْهُ) رواه الإمام أحمد وقال الهيثمي: (رجاله ثقات)، وصحَّحه الألباني.

ومن آثارها: إهلاك الأموال، نسأل الله السلامة والعافية.

فما علاجها حينئذٍ: علاجها قبل وُقوعها: فبالإيمان بالقضاء والقدر، وصدق التوكُّل على الله، والدُّعاء، والمحافظة على الأوراد المأثورة عن رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، والمحافظة على الصلاة جماعة، والإكثار من صنائع المعروف، والاحتراز بستر محاسن من يُخاف عليه من العين، قال ابن عثيمين: (والتحرُّز من العين مُقدَّماً لا بأس به، ولا يُنافي التوكُّل بل هو من التوكل) انتهى، والاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (اسْتَعِينُوا على إنجاحِ الحَوَائِجِ بالكِتْمانِ، فإنَّ كُلَّ ذي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ) رواه الطبراني في الكبير، وصحَّحه الألباني، قال ابنُ كثير مُعلِّقاً على نهي يعقوب ليوسف عليهما السلام عن إخبار إخوته برؤياه: (ومِنْ هذا يُؤْخَذُ الأمْرُ بكِتْمَانِ النِّعْمَةِ حتى تُوجَدَ وتَظْهَرَ) انتهى، ومنها: التبريك بأنْ يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، قال تبارك وتعالى: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [الكهف: 39]، وأيضاً: اللهم بارك، كما في حديث عامر بن ربيعة الذي سيأتي إن شاء الله.

الخطبة الثانية
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عبدُهُ ورسولُهُ.

أمَّا بعدُ: (فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخيرُ الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُلُّ بدعَةٍ ضَلالَةٌ)، و(لا إيمانَ لِمَن لا أَمانةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ).

أيها المسلمون: أمَّا علاجها بعد وقوعها: فإمَّا أنْ يُعرف العائن أو لا يُعرف، فإنْ عُرفَ العائنُ فيُؤمر بالاغتسال، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (وإذا اسْتُغْسِلْتُمْ فاغْسِلُوا) رواه مسلم، و(عن أبي أُمامةَ بنِ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ أنَّ أباهُ حدَّثهُ: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خَرَجَ، وسارُوا مَعَهُ نحْوَ مكَّةَ، حتى إذا كانوا بشِعْبِ الخَزَّارِ من الجُحْفَةِ، اغْتَسَلَ سهلُ بنُ حُنيفٍ وكانَ رَجُلاً أبيَضَ، حَسَنَ الجِسْمِ والجِلْدِ، فنَظَرَ إليهِ عامرُ بنُ ربيعَةَ أخو بَني عديِّ بنِ كعبٍ وهوَ يَغتسلُ، فقالَ: ما رأيتُ كاليومِ ولا جِلْدَ مُخبَّأَةٍ، فلُبطَ بسهْلٍ، فأُتيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقيلَ لهُ: يا رسولَ اللهِ هلْ لكَ في سَهْلٍ؟ واللهِ ما يَرْفَعُ رأْسَهُ وما يُفيقُ، قالَ: هلْ تَتَّهِمُونَ فيهِ منْ أحَدٍ؟ قالُوا: نظَرَ إليهِ عامِرُ بنُ ربيعةَ، فَدَعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عَامِراً، فتَغَيَّظَ عليهِ وقالَ: عَلامَ يَقْتُلُ أحَدُكُمْ أخاهُ؟ هلاَّ إذا رأيتَ ما يُعْجبُكَ بَرَّكْتَ؟ ثمَّ قالَ لهُ: اغتَسِلْ لهُ، فغَسَلَ وجْهَهُ ويدَيْهِ ومِرْفَقَيْهِ ورُكْبَتَيْهِ وأطرافَ رِجْلَيْهِ وداخِلَةَ إزارِهِ في قَدَحٍ، ثمَّ صُبَّ ذلكَ الْماءُ عليهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ على رأْسِهِ وظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ ورَاءَهُ، فَفَعَلَ بهِ ذلكَ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ الناسِ ليسَ بهِ بَأْسٌ) رواه الإمام أحمد وصحَّحه ابنُ حبَّان.

و(عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالتْ: «كانَ يُؤْمَرُ العائِنُ فيَتَوَضَّأُ، ثمَّ يَغْتسِلُ منهُ الْمَعِينُ») رواه أبو داود وصحَّحه الألباني.

قال النووي: (قالَ العلماءُ: الاسْتِغْسَالُ أنْ يُقالَ للعائنِ وهوَ الناظرُ بعَيْنِهِ بالاستحسانِ اغْسِلْ داخِلَةَ إزارِكَ مما يَلي الجِلْدَ بماءٍ ثمَّ يُصَبُّ ذلكَ الماءُ على الْمَعِينِ، وهوَ المنظُورُ إليهِ) انتهى.

وقال الشيخ محمد العثيمين: (وهناك طريقة أخرى، ولا مانع منها أيضاً، وهي أن يؤخذ شيء من شعاره، أي: ما يلي جسمه من الثياب، كالثوب والطاقية والسروال وغيرها، أو التراب إذا مشى عليه وهو رَطْبٌ، ويُصبُّ على ذلك ماء يُرشُّ به المصاب أو يشربه، وهو مُجرَّب) انتهى.

وإذا لم يُعرف العائن فبالرقية الشرعية والدُّعاء والصدقة،فعَن أنسٍ قالَ: (رخَّصَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في الرُّقْيَةِ مِنَ العَيْنِ) رواه مسلم، وعن عائشة رضيَ اللهُ عنها: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَأْمُرُني أنْ أَسْتَرْقيَ منَ العَيْنِ) رواه مسلم.

وخيرُ أنواع الرُّقية أنْ يَرْقي الْمُصابُ نفسه، لأن من صفاتِ الذين يدخلون الجنةَ بغيرِ حسابٍ أنهم لا يطلبون الرُّقيةَ من أَحَدٍ لِعِظَمِ توكُّلِهم على اللهِ تعالى، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (يَدْخُلُ الجنَّةَ من أُمَّتي سَبْعُونَ أَلْفاً بغيرِ حِسابٍ، قالُوا: مَنْ هُمْ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: «هُمُ الذينَ لا يَسْتَرْقُونَ، ولا يَتَطَيَّرُونَ، ولا يَكْتَوُونَ، وعلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (مَنْ اكْتَوَى أو اسْتَرْقَى فقدْ بَرِئَ مِنَ التَّوكُّلِ) رواه الترمذيُّ وقال: (حَسَنٌ صحيحٌ)، فرُقْيَتُكَ لنفسِكَ مشروعةٌ، ورُقيَتُكَ لغيرِكَ فَضْلٌ منكَ وإحسان، وطلبُكَ الرُّقيةَ مكروهٌ قادحٌ في التوكُّلِ، وقدْ رَقَى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ نفْسَه، ورَقَى غيرَهُ، ولم يطلب الرُّقيةَ من أَحَدٍ، وحالُهُ أكملُ الأحوالِ.

عباد الله: احذروا من الخوف الْمُفرِط من العين، الذي يصل بالإنسان إلى درجة الوسوسة والشك، فهذا منهيٌ عنه، لأنه خلَلٌ في العقيدة، وضعفٌ في التوكُّل، ويزداد الأمر سوءاً حينما تُصبح ظاهرة الخوف من العين ظاهرة نفسية واجتماعية، مما سيكون لها آثار نفسية وعضوية على المصابين بها، ومن أسباب هذا الخوف الْمُفرط: ضعف الإيمان، (قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثوبُ الخَلِقُ، فاسْأَلُوا اللهَ أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلُوبكُمْ») رواه الحاكم ووثق رواتَه ووافقه الذهبي، ومنها: الوسواس، فوَصَلَ ببعضِ الناسِ أنْ يَجعل كل ما يُصيبه بسبب العين، وهذا من الوسواس، قال تعالى: ﴿ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المجادلة: 10]، ولقد أمر الله بالاستعاذة من الشيطان ووسوسته في سورة الناس، ومنها: ترك الأذكار والأوراد المأثورة في الكتاب والسنة، ومنها: ضعف التربية، فالخوف المفرط من العين ضعف في التوكل على الله تعالى، ويُدخل صاحبه في وصف الْجُبْن الذي تعوَّذ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم منه، وقد قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ُ (شَرُّ ما في رَجُلٍ: شُحٌّ هَالِعٌ، وجُبْنٌ خالِعٌ) رواه أبو داود وصحَّحه الألباني، وستُؤدِّي به إلى: كثرة الشكوك والظنون السيِّئة، وجحد النِّعم، وهدم العلاقات الاجتماعية حتى يصل إلى القطيعة بين الأقارب، وكثرة الكذب، واللجوء إلى السحرة والمشعوذين.


المواضيع المتشابهه:




رد مع اقتباس
قديم 06-18-2020   #2


الصورة الرمزية الغريبة
الغريبة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم :  6639
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي



ربي يحميكِ ويسعدك ملكتي
ويكفيكِ شر العين طرح قيم
ومميز كتميزك سلمتي حبيبتي
وفي ميزان حسناتك
اشكرك ودي وتقديري





 
 توقيع :



[media]https://www.youtube.com/v/ewzNjWgnLqw[/media]







رد مع اقتباس
قديم 06-18-2020   #3


الصورة الرمزية ريماس
ريماس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1531
 تاريخ التسجيل :  Jun 2014
 أخر زيارة : 02-26-2024 (10:42 PM)
 المشاركات : 81,587 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 1,710
تم شكره 4,734 مرة في 3,962 مشاركة

اوسمتي

افتراضي



جزاك الله خير
وجعله فى ميزان حسناتك
وانار دربك بالايمان
ويعطيك العافيه على طرحك
ماننحرم من جديدك المميز



 
 توقيع :






رد مع اقتباس
قديم 06-18-2020   #4


الصورة الرمزية انسان و ملاك
انسان و ملاك غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 93
 تاريخ التسجيل :  Oct 2010
 أخر زيارة : منذ 14 ساعات (12:10 AM)
 المشاركات : 51,507 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 16,360
تم شكره 9,567 مرة في 7,498 مشاركة

اوسمتي

افتراضي







 
 توقيع :


رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع ملكة الحنان مشاركات 3 المشاهدات 1348  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل عدد الأعضاء الذين شاهدوا الموضوع : 0 (إعادة تعين)
لا توجد أسماء لعرضهـا.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 02:36 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah