~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 343
عدد  مرات الظهور : 2,333,079


عدد مرات النقر : 343
عدد  مرات الظهور : 2,333,079

العودة   منتديات وهج الذكرى > وهج الادب المنقول مما راق لي > ❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧
❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧ لكل ما يروق لنا من قصص او خاطرة
التعليمـــات روابط مفيدة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 02-23-2021
روح الأمل غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
اوسمتي
تكريم اكتوبر المراقبة المتميزة متميزين الوهج وسام 30 الف 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 3602
 تاريخ التسجيل : Jul 2020
 فترة الأقامة : 1385 يوم
 أخر زيارة : 12-24-2022 (09:39 AM)
 المشاركات : 49,122 [ + ]
 التقييم : 1400003561
 معدل التقييم : روح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 1,699
تم شكره 3,594 مرة في 2,459 مشاركة

اوسمتي

افتراضي صرح ممرد



صرح ممرد


تتلاطم أمواجُ الحياة ولا تهدَأ، تضرِب بلا رحمة ولا شفقة، تتلاحق أهوالها تباعًا، ويزيد من حِدَّة قساوتها صخبُ العواصف وأهوالُ الريح الشديدة، وتأبى إلا أن تكون في ظلمة ليلٍ حالك بَهيم، تُمسك سماؤه نجومها وكواكبها، فيزداد المنظر رعبًا وتيهًا، حتى إذا استيأس عابرو الحياة النجاة، وظنوا أنهم هالكين لا محالةَ، أرسل الله إليهم بصيص أمل يلوح في الأفق البعيد يظهر من منارة قد شُيدت لأمثال هؤلاء؛ ليكشف عنهم غياهب الظلمات، فيستبشروا خيرًا بقرب الشاطئ المستقر الهادئ، وترسو سفنُهم المتعبة المثقلة بالهموم عليه، فيهتدي بها التائه ويسترشد الضال، ويأوي إليها كلُّ طريد مرهق، ويسلو بها كل غريب مستوحش، فتكون منارة الهدى للضالين والملاذ الآمن للخائفين.

ما أحوجنا لصرحٍ كهذا يقصده التائهون المتعبون والمنبوذون المغبونون؛ لتزهر حياتهم ويلتفتوا إلى غاياتهم المنشودة بقلب شجاع وفكر متزن، لدعوة الناس إلى الحق، وإصلاح الأمة إلى ما فيه خيرها ورشادها.

ولن تتَّقد في فكره هذه الرؤى إلا كل شخص علَت هِمَّتُه وسمَت، فانطلق ساعيًا لتحقيقها غير آبهٍ للمعوقات ولا للمثبِّطات التي يتعرَّض لها، ويستوي في ذلك العالم والمتعلم، والخامل المغمور والعَلَم المشهور، فكل من يرى أنه يُمكنه أن يقدم شيئًا لأُمته مهما صغر أو قلَّ، أو مهما زاد وارتفع، فهم كالنجوم يَهتدي بها الحيارى ويسترشدون.

من هؤلاء المغمورين كان هناك بنَّاء عرَف قيمة حياته ونفسه التي بين جنبيه، فآل إلا أن يسخرها خدمة لهدف سامٍ، عاش حياته كلها بنَّاء يبني البيوت ويُشيِّد القصور والجسور، وقد كان حريصًا في عمله مجدًّا متقنًا حتى بلغت شهرته الآفاق، إلا أن غصة في حلقه ما فتئت تنغص عليه معيشته؛ فلا هو رضي بما يعمل، ولا وجد فيه راحته.

فقد استولى عليه الهم والغم خاصةً، وقد رأى أن أيامه تنصرم من بين يديه وهو لم يقدِّم لحياته الأخرى، صار يرفض ما يقدَّم إليه من أعمال حتى وإن أجزلوا له العطايا والْمِنَح، فهذا يترجاه أن يبني له بُرجًا ما بُنِي مثله في العالمين، يُفاخر بها قومه وبني جنسه من البشر، وذاك يطلب منه أن يشيد له قصرًا منيفًا يبقى ما بقي الدهر يُخلِّد اسم صاحبه، ويبقى ما بقيت الدنيا وأهلها، وسيَمنحه من المال ما يريد، لكنه رفض طلباتهم، وضنَّ بسنين عمره أن يُضيعها هباءً، وأبى العمل معهم؛ لأنه ما كان طالبًا لعز دنيوي ولا لخلود وشهرة زائفة، وإن اغتنى من ذلك.

طال عليه الأمد بحثًا عن مراده، وخشِي أن يرتحل من هذه الدنيا ولم يقدِّم عملًا يشفع له يوم القيامة.

سَأضربُ في طولِ البلادِ وعرْضِها *** أنـالُ مـرادي أو أمـــوتُ غريبًا
فــإن تـلِفـت نفـسِــي فللــه درُّهــا *** وإن سلِمت كان الرجوعُ قريبًا

وبينما هو غارق في همه باحثًا عما يُطيِّب نفسه، إذ به يصل إلى ربوة بصحراء لا أثر لحياة فيها؛ يشيد عليها شاب وحيد بِنَاءً، أثار الأمر تساؤله: ما الذي يفعله في أرض خلاة كهذه؟ وما قصده من البناء؟ كان قد اقترب منه لَما ازدادت التساؤلات تَطِنُّ في رأسه، واستحيى أن يخرجها لعدم معرفته بالشاب، ألقى عليه التحية، ثم بقي إلى جانبه.

فبادره الشاب: سيدي الفاضل أرى أنك تتساءل عن عملي، ولا ألومك فكل من يمرُّ بي يستغرب وما يفتأ يسخر ويستهزئ مني، فرد عليه البنَّاء: معاذ الله أن أسخر أو أستهزئ، أما وقد ذكرت أنني أتساءل، فإني مستغرب، فإن شئت أفصحت لي، فرك الشاب يديه من الملاط، وقال: إنَّها كما ترى بيداء لا أثر لحياة فيها، وإن مما يؤرِّقني ألا يجد العابرون فيها ما يسترشدون به ويتزوَّدون به في وعثاء سفرهم، والتائهون كُثُر، وأنوي تشييد بناء يكون هاديًا للتائهين في هذه الفلاة التي ضاع فيها خلقٌ كثير، ولم يجدوا من يَدلهم على الطريق، هي كالمنارة التي تستدل بها السفن في الليالي الحالكة، فتستبشر بقرب الشاطئ، وإن لم أكن أعدهم بالشاطئ، فإني أعد التائهين بأن يجدوا ملاذًا آمنًا وصرحًا هانئًا لكل من كوتهم وأحرقتْهم مفازةُ الحياة، وإني ما وجدت إلا الاستهزاء من معارفي والنفرة مني، وقد أحجموا على مساعدتي بعد أن أدركوا أن المشروع ما هو مشروع تجاري، ولا يُدر على أحد مالًا، بل على كل من يعينني أن يبذل الجهد والمهج والمال لنحقِّق ما نصبو إليه، وأنه إذا عظُم المطلوب قلَّ المساعد، وإني يا هذا أرى أن هذه الأيام آخر عهد لي بها، فما عادت لي طاقة تحمُّل، ولا أجد بادرة أمل في الأفق، وأكاد أنهار وتنهار معي كل آمالي، فما أشقى حياة المرء إن اقتصرت على أهدافه الشخصية، وما أتعسه إن امتدت غاياته لإسعاد غيره وهو كَلُّ اليدين وصفر الجيبين.

ومَا للمرءِ خيرٌ في حياةٍ إذا *** ما عُدَّ من سَقَطِ المتاعِ

قال له البنَّاء: أبشر يا هذا، سيكفيك الله المستهزئين، وسأشد أزرك ما دمتَ مخلصًا في مقصدك، فمنك طموح الشباب وطاقته واتِّقاد فكره، ومني خبرة السنين وجهد الساعد، فأنت ترنو إلى السماء فلك ذلك، وغيرك من المستهزئين رضوا بالدني الزائل.

فيَحنُّ ذاك لأرضِه بتسَفُّلٍ *** ويحنُّ ذا لسمائِه بتصَعُّد

وإني أرجو من الله أن يرتفع هذا البناء، ويحقِّق ما تصبو إليه، فكم تاه خلق كثير في هذه الفيافي، وكم انزلقت بهم رمالها إلى وهاد سحيقة لا نجاة منها، ولعل الله قد ادخر لي هذا العمل كخاتمة حسنة لأيامي.

وماهي إلا أن وضع جرابه من على كتفه، واتجه صوب الأرض يتفقد بداية البناء، ولَما تأكَّد من صلابة الأساس، شمَّر على ساعديه، وشرع في البناء غير منتظر، يحمل بيديه الآجُر ويرصفه، ويتأكد من استقامة البناء ومتانته، وكل همه أن يرى البناء شامخًا عاليًا صُلبًا، مقاومًا لكل الظروف؛ ليبقى دالًّا على وجود الحياة في هذه البقعة، مستبشرًا بأن تكون بداية لدُور أخرى، فتستحيل إلى روضة غنَّاء تَمسح على جبين هذه البشرية شقاء التيه والضلال، ويفيئون تحت ظلالها، ويرتوون بمعينها الفرات.

ومرت الأيام وارتفع البناء عاليًا شاهقًا شامخًا، وانجذب الناس نحوه، وانبهروا به وبمتانته وصلابته، والتفُّوا حوله، وعرَض بعضهم على الشاب العمل معه، وأشار البعض الآخر بآراء ورؤى مختلفة، فنسِي الشاب الهدف الذي عمل عليه، وأصبحت وسيلته غايته؛ إذ أصبح مع مرور الأيام يتطلب سلعًا خاصة، ورخامًا فاخرًا وطرقًا مبتكرة، لا علم له بها، كل ذلك ليجذب إليه المزيد من عِلية القوم ووُجهائها؛ ليكونوا هم نُزلاءَه، ليرتاحوا فيه وينعموا بخدماته الراقية، صار الشاب يردد: وددتُ لو جعلته صرحًا ممردًا بالقوارير، يَجذب إليه السادة والكبراء والمترفين، أصبح منتجعًا ترفيهيًّا للوُجهاء، لا ملاذًا آمنًا للتائهين، وناصرًا للمضطهدين.

ما أغربك أيها الانسان، وما أعجب تصرُّفك! أتصبح بمبدأ وتمسي بنقيضه!

فتخوُّف البنَّاء من هوس الشاب الذي طغى عليه، وأفقده رشده وصوابه، وأدرك أن بقاءه صار مستحيلًا، فحمل أغراضه التي لم تكن سوى مسيعة وشاقول، مسيعة يخلط بها الإسمنت، وشاقول ليتأكد من استقامة بنائه، وضعهما على عجلٍ في جرابه وقفل راحلًا، يَجِدُّ الخطوَ ويتعجَّل، وهو على يقين أن ما من أحد سيلاحظ غيابه، ولن يأتي على أحد منهم أن يَثنيه عن قراره.

لما ابتعد قليلًا بدرت منه التفاتة غير مقصودة ولا مسبوقة إلى ذلك الصرح الذي أحس أول مرة بغرابته، نظر إليه وكله أسًى، فما هذا الذي كان يسعى لأجله؟ وما هذا الذي أفنى فيه أيامه وبذل جهده؟

فقد غابت تلك الروح التي كانت تُرفرف فيه وتنمو وتكبُر مع كل لَبِنةٍ يضعها، ومع كل قطرة عرقٍ تَنزل من جبينه، انغمس في كآبة لا حدَّ لها، وأدرَك ساعتها أن صديقه الذي اعتبره صِنوَه في الجهاد والرؤى تنكَّر له، الذي كان يحس كلما تحادَثا أن رُوحه قد استوطنت جسدين بتوقُّد فكرها ونضالها، وقد تكون امتدادًا لها إن عاجلته المنية.

اختلفت المشارب والرؤى والمفاهيم والتفكير، فصار يشعر بالغربة في مكان اعتقد أنه سيكون ملاذًا آمنًا للناس ومنهم هو، فصار مصدرَ قلقٍ وتوتر موحِش مُظلم، ولو زُيِّنَ سقفُه بمصابيح وبثُريَّات مترفة.

_____________________________
الكاتب: الزهرة هراوة

المواضيع المتشابهه:



 توقيع :


شكرا نجمتنا لا عدمتك :

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ روح الأمل على المشاركة المفيدة:
 (02-23-2021)
قديم 02-23-2021   #2
[IMG]http


الصورة الرمزية وردة الغرام
وردة الغرام غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3621
 تاريخ التسجيل :  Aug 2020
 أخر زيارة : منذ 2 يوم (09:30 AM)
 المشاركات : 232,149 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~





أي خيول سترك أعناقها في أساور هذا الندي

فهي مهرة يصعب ترويضها

قلب لا يعرف المستحيل
لوني المفضل : Beige
شكراً: 27,367
تم شكره 8,746 مرة في 6,629 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: صرح ممرد



بارك الله بجهودك الطيبة وجزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك

بانتظار جديدك حبيبتي روح



 
 توقيع :


اشكرك من كل قلبي حبيبتي نجمتنا



رد مع اقتباس
قديم 02-23-2021   #3


الصورة الرمزية روح الأمل
روح الأمل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3602
 تاريخ التسجيل :  Jul 2020
 أخر زيارة : 12-24-2022 (09:39 AM)
 المشاركات : 49,122 [ + ]
 التقييم :  1400003561
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 1,699
تم شكره 3,594 مرة في 2,459 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: صرح ممرد



شكرا لك غاليتي وردة اسعدني مرور ك



 


رد مع اقتباس
قديم 02-27-2021   #4


الصورة الرمزية ريماس
ريماس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1531
 تاريخ التسجيل :  Jun 2014
 أخر زيارة : 02-26-2024 (10:42 PM)
 المشاركات : 81,587 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 1,710
تم شكره 4,734 مرة في 3,962 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: صرح ممرد



يعطيك العافيه وتسلم الأيادي المتألقه
على روعة ألأختيار وجماله
بإنتظار روائعك القادمه



 
 توقيع :






رد مع اقتباس
قديم 07-09-2021   #5


الصورة الرمزية الجوري
الجوري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3758
 تاريخ التسجيل :  Mar 2021
 أخر زيارة : منذ 12 ساعات (01:06 AM)
 المشاركات : 150,706 [ + ]
 التقييم :  123459737
 SMS ~
لوني المفضل : Beige
شكراً: 79
تم شكره 5,571 مرة في 3,688 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: صرح ممرد



شكراً جزيلا لك
أرق التحايا مع الورد



 
 توقيع :


رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع روح الأمل مشاركات 4 المشاهدات 976  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 04-21-2024, 04:35 PM (إعادة تعين) (حذف)
لا توجد أسماء لعرضهـا.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 01:42 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah