~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~ | |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
احتراما للقرابة وصلة الدم..!
احتراما للقرابة وصلة الدم..! ..رجع الكل مهرولا بعد ان تفرقوا..كل منهم يحمل بين جوانحه أثقالا من الأفكار السوداء مالا يطيقه ..كانت أرجلهم تمشي بسرعة ، مشية أفكارهم ..عيونهم انقلب بصرها إلى داخل أنفسهم ،يحصى مساوئهم ، وعيوبهم ،وسيئاتهم وحسناتهم .. وما كانوا يخفونه على الناس ..وماكانوا يستترونه عليهم خشية يوما ما أن يظهر فتحبط أعمالهم ، ويصغرون أمام نفوسهم والناس..! انهم يخشون مثل هذا اليوم العسير!.. عندما كانوا في موكب الجنازة ..لم تكف ألسنة بعضهم عن ذكر حياة الهالك ، كل يفشي سر ما يعرفه عنه قبل دفنه..منهم من يحكي حياة طفولته..ومنهم من يحكي حياة دراسته ومنهم من يحكي حياته وحياة عائلته..ومنهم من كان يتقزز من تصرفاته حينما كان مسؤولا ! لم يكونوا يرددون.." لا إله إلا الله محمد رسول الله ".. بل غلبت عليهم النميمة حتى في موكب الجنازة..! أما عائلته ، فقد كانت تنتظر بفارغ الصبر أن تنتهي مراسيم الجنازة لتنكب بنهم شديد في تمزيق جسد التركة..ويشفون غليلهم من شحه وبخله،وينتقمون لجوعهم وفقرهم اللذين كانا يقضان مضاجعهم طيلة نصف قرن من الزمن..! وقد قيل " بطنة الغنى انتقاما لجوع الفقير..! ولكن هذا المثل يرونه الآن معكوسا!" موت الغني سعادة الفقير من أهله! عندما كان صغيرا ، يلعب بالتراب،حافي القدمين ،شبه عاري صيفا وشتاء..كان والده فلاحا شريفا ،بسيطا ،يقتات من عرق جبينه،حيث كان يظل الفأس بين راحتيه، كالقلم بين الأنامل ..يحفر ..يخطط خطوطا على صفحة الفدادين كأنه ينمقها ..يجري المياه بين تلك الخطوط كسلك عسجدي فوق لوحة خشبية بنية اللون! كصانع تقليديا ماهرا..! بعدها بزمن قصير ،ترى تلك الخطوط مخضرة بالنباتات المختلفة والألوان والأشكال.. كم كان والده يفرح حين يرى أعماله قد اخضرت أو حين تؤتي أكلها ..! كم كان صاحب الأرض يضن عليه عندما تضن عليه السماء..! وكم كان يمن عليه عندما تمن عليه الأرض ،وتعطي خيرات بطنها بلا حساب! الغزال الشمالي تتبع بإذن الله المواضيع المتشابهه: |
03-06-2012 | #3 | ||
|
حياك الله صدى الأطلال أسعدني كريم مرورك .. ويشرفني أن أجد منك هذا الدعم .. وأهلا بك..أتمنى لك إقامة جميلة بلا ملل أو ضجر .. في هذا المتصفح ، وفي كل ما أكتب .. دمت سيدي بحفظ الله .. |
||
|
03-06-2012 | #4 |
|
كبر الطفل ،وصارت سحنته مثل سحنة الأرض..أصبغت ملامحه الشمس المحرقة صيفا..حيث كان يمشي وسط الحقول ،من شروقها إلى غروبها وهو يساعد والده..لم تعد الشمس تؤذيه ..فقد ألف حرارتها كما ألف زمهرير الشتاء..وصفعاته التي تجرح خديه عندما يلفحها الصقيع..كم مرة جرى بقدميه الحافيتين على صفحة الجليد الممتد على طول الساقية التي تروي الأرض والبهائم والرعاة ،والسقاه من أهله وعشيرته..هو وأطفال في مثل سنه، وهم ضاحكون فرحين لا يبالون بقساوة البرد ،ولا الثلج ،ولا الجليد! قريته نائية عن المدينة التي لم يزرها قط..كان يسمع بأن من زار المدينة من أهله أو عشيرته ،تجتمع عليه أهالي القرية.. شيوخها شبابها عند عودته ،يستفسرونه عن مشاهداته في المدينة وكيف أحوال أهلها ،ومعيشتهم وأبنيتهم السامقة ووسائل تنقلهم الفاخرة وعن أنوارها المتلألئلة كالنجوم ..إلخ... وكان الزائر ينتفش بينهم كالديك أو الطاووس حين يحكي ، ويتعمد الصمت من حين لأخر كأنه يتذكر ،وفي كلامه زهو وخيلاء ،كأنه يشعرهم بأنه قد منّ الله عليه وأصبح أرقى منهم ،لأنه زار المدينة قبلهم ورأى مالم يروه وعلم مالم يعلمون ، وشاهد مالم يشاهدوه وتمتّع بما لم يكن لهم في الحسبان..! وكانت عيونهم تُحملق في حركات فمه ويده ،وكلهم آذان صاغية .. كم تمنى في قرارات نفسه أن يكون مثل ذلك الرجل ،ليأتي يوما ويحكي لهم بدوره! بلغ سن العشرين من عمره، وفقد والديه معا ،وتركوه عرضة للحرمان والضياع وسولت له نفسه أن يزور المدينة ، ويسترزق الله هناك..ويبحث عن عمل كيفما كان نوعه ..بدل أن يبقى في القرية عالة على بعض أفراد عائلته ..وتحت وطأة الفقر المذقع! الغزال الشمالي تتبع بإذن الله |
|
03-10-2012 | #6 | ||
|
بل فقط لاتفادي أن يمل القراء مثلك صدى الاطلال كلماتك ... كزخات الأمطار ... تتساقط على أرض الصفحة ... تروي الوجدان شاكرة لك تواصلك و عبق الحروف .. طابت روحك بالخير |
||
|
03-10-2012 | #7 |
|
استقطبه أحد التجار الكبار ، واستضافه ،ثم أواه إلى إحدى ضيعاته قريبا من المدينة وأخذ يشتغل حرفة والده التي تعلمها منه .. حيث يقوم بزراعة الأرض ،تربية المواشي والدواجن ..أبدى استحقاقات هامة ، وبذلك اكتسب عطف ذلك الرجل وأهله... أخذ الأولاد لا يفارقونه عند نهاية الأسبوع ، وكانوا يقومون بأمر والدهم من حين لآخر بمصاحبته إلى المدينة لقضاء بعض المآرب ،ثم ارتقى في منصبه حين أصبح مدبرا على السياقة التي تعلمها على آلة الحرث والحصاد ، وكلف بعد ذلك بحمل الخضر ، ومنتوجات الأرض والأشجار إلى السوق وإلى أصحاب مُشغله بالمدينة ،ثم أخذ يتذكر بعض الحروف الهجائية التي تعلمها بالكُتّاب وصقلها بالممارسة ،حيث كان يسلم التواصل ويأخذ مثلها ..ثم ارتقى إلى مرتبة ملء الكمبيالات ثم إلى الشيكات .. ولما تعلم ذلك ،وكسب ثقة التجار الذين تعامل معهم ،وشكروه لمُشغله على تفانيه وثقته ،زاده ذلك رقيا ومكانة في نفسه ونفس مُشغله فكلفه بمرافقته ومساعدته في كل مهامه الظاهرة والخافية..!حيث كان يرى ولا يتكلم ،ويسمع ولا يقول ..ويعمل ولا يتأفف..لا يشتكي لأحد ولا يرافق أحد ..أصبح كالبهيمة التي تعصب عيناها ، وتظل تطوف بالبئر تسقي الماء ولا تكل..! أصبحت كل وثائقه بفضل مُشغله مسجلة بسجلات المدينة ، انفصل بذلك عن عشيرته وأبناء قريته..أصبح عقد ازدياده "سالما وصحيحا" يؤكد ازدياده بالمدينة وليس ابن القرية..انسلخ عن عْروبِيَّتِه (بدويته) لم يعد يرضى أن يقال له "عْروبي".. اشمأزت نفسه من هذه الكلمة التي يرددها عليه مُشغله وأصدقاءه عندما يعاكسونه في الرأي حتى من باب المزاح! مرارا سولت له نفسه أن يشن حرب شعواء ضدهم..لكن يتراجع مخافة فقدان مصالحه ومستقبله وحاضره الذي وصل إليه بالصمت المرير،وتحمل الإهانة ! ولو لأتفه الأسباب! حتى البَلْغَة والقميص والجلباب والطَّاقِيَّة والسروال الفضفاض التي ألف لباسها في ريعان شبابه مزقها ،ومحاها من مخيلته ..لا يريد أن يتحدث له عنها أي أحد..استبدلها بالزي المدني جميعها ..يحافظ دوما على أناقته..يشعر أنه أصبح رجلا متمدنا ..أناقته زادته احتراما عند مُشغله، وأضفى عليه انعاما كثيرا ..حتى نسي كل مبادئه القديمة ،وطبيعته البسيطة ولغته..حيث أصبح يقلد من حواليه لاكتساب لغة العصر ..تعلم لغة أهل المدينة اللغة ..الممزوجة ببعض المقاطع الفرنسية المحرفة ..لغة التجارة والمال والمصلحة دون غيرها ..غدا انسانا آخر ،لا يعرف غير مُشغّله، وما يغدقه عليه من مال بلا حساب.! لا يتوانى في بذل كل ما في وسعه لإرضائه .. لا يريد أن يتكلم عنه أحد بسوء أمامه ، إنه مثله الأعلى! يتبع بإذن الله |
|
03-13-2012 | #8 |
|
زوّجه ابنته الوحيدة،وأصبح بذلك جزءا لا يتجزأ من عائلة مُشغّله ،حيث كسبه ذلك الزواج متانة ورسوخا في المدينة ..وأسدل ستارا على كل معارفه وأهله..ونسي قريته وأرضه..ودفن في أعماق نفسه الطيبة والمروءة والكرم ! إنها من مخلفات الماضي حسب اعتقاده!.. كل الناس تلهج بذكره،مقرونا بذكر مُشغله ،واعتبروه الساعد الأيمن له، وكلمته هي المسموعة ،أصبح يتصرف تصرّف المالك الأصلي على كل أملاك مُشغّله،خاصة عندما اشتد المرض بصهره ،من جراء حادثة السير التي أودت بحياة زوجته وولديه!.. ولم يمض إلا وقت وجيز ،انتقلت روح صهره عند ربها ،وانتقل الإرث إليه عن طريق زوجته الوريثة الوحيدة!فزاده ذلك شرفا وتعظيما..! تولى مقام صهره ،لكن نفسه الأمارة بالسوء ..سولت له التصرف عكسيا لتصرفات المرحوم ..وأمسك يده..وضن على الجميع..سواء العاملين معه أو غيرهم ،وتضاعفت مطامعه ومطامحه وتغلّبت عليه العدوانيية من فقره القديم ،وشرع ينتقم من المستضعفين ويقسى على من لا يستحق..حتى صار مضغة في الأفواه..سيما عندما زاره بعض أفراد عائلته لتعزيته،وفي نفس الوقت تهنئته بما حباه الله من النعم!حيث تنكر إليهم ،وتغاضى عنهم ،ورفض استقبالهم ،مدعيا بأن لا هو منهم ولا هم منه! فنكر حسبه ونسبه! وأصله وفصله!وقديما قيل: أم الكبائر أن تعلن الرضى للنفس الصغيرة! عابت عليه زوجته ذلك،وحاولت اقناعه للتراجع عن غيه ،ويترك الأمور على حالتها ،ويرفع الظلم عن الناس ،ويحسن معاملتهم كالسابق.. إلا أنه لما ضاق ذرعا بنصائحها هدّدها بالطلاق بعد أن سلّمته ذات يوم تحت وطأة ضعف المرأة وكالة مفوضة للتصرف في كل أملاكها وأموالها ..تراجعت وانكمشت كالطائر الجريح وأمسكت لسانها ، وفوضت أمرها إلى الله ،قائلة في نفسها :حسبي الله ونعم الوكيل..! دأب على حالته زمانا قصيرا..وسئمت عشرته وهجرته..سافرت عند أهلها ،وتركته يخوض ويلعب في الأموال والأعراض ،وأصبح مراهقا كبيرا ..كسب رفاقا جدد وتنكر لكل الناس الذين كانوا يمجدونه ويساندونه في عهد صهره! وزين له الشيطان أعماله ،وصده عن السبيل ،واعتقد أن فحولته التي صنع هالتها في نفسه وفرضها على رفاقه الجدد ،تغنيه عن زوجه التي راودته فكرة الانفصال عنها ،لأنها تعارضه في أفكاره ، في رأيه وفي طريقة عيشه وتسييره للأمور.! لم يعد في حاجة إلى أي أحد يرشده أو ينهيه..لقد أصبح كبيرا..كبيرا في جسمه..كبيرا في ماله..كبيرا في كلمته! لقد وصل إلى ماكان يتمنى ويثوق ،عندما غادر القرية! هذه الجملة ردّدها في نفسه عدة مرات ..كل ما حواليه يشهد له بذلك .. فزادت نفسه في التعالي وصار يرى الناس صغارا.! تلقى مكالمة هاتفية ذات صباح ،تفيد أن أحد مخازنه قد اشتعلت فيها النيران،خرج مذهولا وساق سيارته ومعه شلة من رفاقه الذين يرافقوه في السراء والضراء! كانت السيارة تسير بسرعة البرق وأفكاره تركض أكثر منها ..ولسانه لا يكف عن السب والشتم ضد مجهولين ! الجو كان ينذر بنزول المطر ..الضباب بعثر غباره على الطريق ..أحيانا لا يستطيع رؤية المنعرجات ..بعض العربات والراجلين تنبت من حين لآخر فلا يراها حتى يوشك اصطدامها ..كان كل تفكيره منصبا في الوصول إلى ضيعته لاستطلاع ما حل بمخزنه..بينما كان قريبا من إحدى المنعرجات إذا بعجلة سيارته الأمامية تنفجر ،وتنقلب به السيارة في حافة قريبة من مسقط رأسه...أصيب بعدة كسور متفاوتة الخطورة ..بينما رفاقه ماتوا في الحين ..نقل على إثر ذلك إلى المستشفى البعيد عن مكان الحادث ..وافته المنية في الطريق نتيجة تأثره بجراحه..لم يودعه أحد ولا سامحه أحد! حتى الشهادتين لم يلفظهما ..ولا رددهما أحد في أذنه! دفن بجوار والده من طرف أهالي القرية ..احتراما للقرابة وصلة الدّم...! انتهت الغزال الشمالي |
|
03-14-2012 | #9 |
|
هكذا هى الدنيا لاتبقى على أحد ولاتدوم على حال
رائع قلمك يالغزال يتنقل بين احداث القصه بخفه ورشاقه اسلوب السهل الممتنع طريقه سردك جعلتنى مشدود أن أتابع مراحل القصه لأعرف نهايتها تقبلى إعجابى الشديد بفلمك المتميز فى كل ماتكتبين وبفكرك الناضج حتى أنك تكتبين فى أكثر من فن بنفس القوه والتألق دمت فى تقدم وتوفيق ورضا من الرحمن الرحيم |
|
كاتب الموضوع | الغزال الشمالي | مشاركات | 10 | المشاهدات | 3267 | | | | انشر الموضوع |
(عرض التفاصيل) الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 04-18-2024, 02:40 AM (إعادة تعين) (حذف) | |
لا توجد أسماء لعرضهـا. |
|
|